19 نيسان, 2024
Login  | 
 
You are here :: Q&A11
  ما معنى هذه الآية التي وردت في العبرانيين ٦: ٤-٦ "لان الذين استنيروا مرة... وسقطوا، لا يمكن تجديدهم ايضا للتوبة، اذ هم يصلبون لانفسهم ابن الله ثانية ويشهرونه"؟ Minimize

 

يبدو للقارىء من الوهلة الاولى ان " الذين استنيروا " في هذا المقطع هم اشخاص مؤمنون مسيحيون بالحق ، ثم سقطوا فخسروا خلاصهم ، بحيث لا يمكنهم الحصول على الخلاص مرة ثانية . الا ان فكرا كهذا لا يمكن ان يكون صحيحا اذا امعنا النظر في ما يحتويه هذا الاصحاح .  

يبدأ الرسول ( بولس ) حديثه في الاصحاح السادس عن ضرورة ترك ما اسماه بوحي الروح القدس " كلام بداءة المسيح " ، اي اليهودية ، والتقدم الى الكمال ، اي المسيحية . فاذا وضعنا امام عيوننا ان " شهادة يسوع هي روح النبوة " رؤ 19 : 7 اي ان كل نبوات الكتاب واعلانات الله للبشر تدور حول شخص الرب يسوع المسيح ، لفهمنا معنى عبارة " كلام بداءة المسيح " . ففي اليهودية كان الله يعطي رموزا وظلالا عن المسيح ، مرتبطة بطقوس وشعائر وتقاليد كان اليهود يمارسونها ، غير انهم كانوا قاصرين عن معرفة الله من خلالها كما يجب . لذلك يقول الرسول هنا انه يجب ترك كلام بداءة المسيح والتقدم الى الكمال . والكمال هنا هو كمال الاعلان الالهي للبشر من خلال شخص ربنا يسوع ، الذي بمجيئة الى العالم واكماله عمل الفداء بموته على الصليب وقيامته وصعوده وجلوسه في يمين عرش الآب ، توضح لنا الفكر الالهي الى التمام ، بحيث اننا بقبولنا الرب يسوع بالايمان في قلوبنا لم نعد بحاجة الى اي من الطقوس والشعائر التي كانت تمارس في اليهودية . لذلك يواصل الرسول القول انه لا يجب ان نضع اساسا لتوبتنا الى الله ما كان اليهود يعتمدونه من " اعمال ميتة والايمان بالله ، تعليم المعموديات ووضع الايادي ، قيامة الاموات والدينونة الابدية " . فقد اعتبر الرسول بالوحي المقدس ان هذه الاشياء هي بدائية يجب تركها ، على الرغم من كون بعضها حقائق معترف بها كالايمان بالله وقيامة الاموات والدينونة الابدية ، فيما البعض الاخر هو عبارة عن طقوس ومراسيم كالاعمال الميتة وتعليم المعموديات ووضع الايدي . والسبب في طلب الرسول ترك هذه الاشياء البدائية في الديانة اليهودية ، هو ان في المسيحية نورا اعظم يتعلق بهذه الحقائق ، يقودنا لمعرفة كمال الاعلان الالهي الذي هو في شخص ربنا يسوع المسيح ابن الله ، الذي لا يمكن ان يضاف اليه شيء ، ولا ينفع معه اعتماد اي من الامور البدائية التي يجب تركها .

ثم يواصل الرسول الحديث عن هؤلاء الذين يريدون الدخول الى المسيحية دون ان يتركوا ما في اليهودية من طقوس وتقاليد وشعائر فيقول عنهم " لان الذين استنيروا مرة ... " فالذين استنيروا لا يعني انهم اصبحوا مسيحيين بالحق ، وانما تأثروا خارجيا بنور المسيحية الذي بدأ ينتشر في ذلك الوقت بقوة من خلال المعجزات والتبشير بكلمة الله . ومن امثال هؤلاء المستنيرين سيمون الساحر الذي بدا لكثيرين انه مؤمن بالحق ولكن تبين فيما بعد انه لم يكن مؤمنا حقيقيا بل متأثرا عقليا فقط بسبب المعجزات العظيمة التي شاهدها تجرى على ايدي الرسل ( اعمال الرسل 8 : 9 ) . فهؤلا كما يقول الرسول عنهم " ذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتي " دون ان يكون هناك تغيير حقيقي في قلوبهم نتيجة الايمان بالرب يسوع كالفادي والمخلص . لقد سمعوا الرسل يبشرون بكلمة الله مرارا كثيرة ، وشاهدوا المعجزات التي كان يجريها الروح القدس على ايدي الرسل والمؤمنين الذين نالوا الموهبة السماوية لاجرائها ، الا انهم رفضوا قبول الايمان المسيحي وفضلوا البقاء في اليهودية وتقاليدها . فهؤلاء اذ " سقطوا " اي فشلوا في ادراك الحق وتراجعوا عنه بعدما صار واضحا امام عيونهم " لا يمكن تجديدهم ايضا للتوبة . اذ هم يصلبون لانفسهم ابن الله ثانية ويشهرونه " . لقد صلب اليهود المسيح مرة بجهل كما قال لهم الرسول بطرس " والآن ايها الاخوة انا اعلم انكم بجهالة عملتم كما رؤساؤكم ايضا " اع 3 : 17 ، والرب يسوع وجد لهم عذرا على اعتبار انهم كانوا يعيشون في الظلمة ، فخاطب الآب وهو معلق على الصليب قائلا " يا أبتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون " لو 23 : 34 ، اما هؤلاء المستنيرين فانهم بعدما اختبروا عظمة المسيحية رفضوا الايمان بالمسيح عمدا ، مفضلين العودة الى الديانة اليهودية . لذلك فان رفضهم للمسيح لا يمكن ان يكون معذورا لان النور الالهي قد وصل اليهم من خلال كلمة الله التي سمعوها مرارا والاعمال المعجزية التي رأوها . فرفضهم للمسيح هو اسوأ من رفض اليهود له ، لذلك يعتبر الرسول ان رفضهم هو بمثابة صلب للمسيح مرة ثانة وتشهير به ، بمعنى ان عمل المسيح على الصليب من اجل خلاص البشر ليس كافيا بحسب افكارهم ، وبالتالي فان افكار الله لهذه الناحية غير ذات قيمة او جدوى بنظرهم .

لقد كانت خطايانا مرة سببا لصلب المسيح والتشهير به ، اما الذين يرفضون المسيح بعدما اكمل عمل الفداء ، فان خطاياهم تعتبر محاولة لصلبه ثانية ، الامر الذي لا يمكن ان يحدث ، وبالتالي فان خطاياهم لن تجد طريقا للغفران . والرسول يتابع في هذا المقطع فيشبه امثال هؤلاء بأرض شربت المطر الآتي عليها مرارا كثيرة لكنها اخرجت شوكا وحسكا ، وعليه فانها ستكون مرفوضة وقريبة من اللعنة التي نهايتها الحريق .

 وندعوك عزيزي الزائر اذا لم تكن قد اختبرت نعمة الخلاص بالايمان بربنا يسوع المسيح ، ان تسرع اليه حالا وتدعوه بكلمات بسيطة الى ان يدخل حياتك ويمتلك قلبك فيطهره ويمنحك الغفران والحياة الابدية . فهو لا يبعد عنك سوى مسافة صلاة . فلا تضيع الفرصة لانه مكتوب " في وقت مقبول سمعتك وفي يوم خلاص اعنتك . هوذا الآن وقت مقبول . هوذا اليوم يوم خلاص " 2 كو 6 : 2 . وله كل المجد الى الابد . آمين .
 
 
 
 Print   
 علق على الموضوع Minimize
  Add Comment



Submit Comment
  View Comments
No comment.
 Print   
طلبة صلاة | اسئلة القراء | الحق يحرر | الصفحة الرئيسية
Privacy Statement | Terms Of Use
Copyright 2007 by alhaqyoharer.com